حضرات الأهالي الكرام،
يهمّني مع نهاية الفصل الثاني من العام الدراسيّ الحاليّ أن أضعكم في أجواء واقع اللغة العربيّة في المدرسة، آملة في أن نتمكّن، بالتعاون معكم، من أن نستفيد من خبرات الأعوام الماضية للتأسيس لمرحلة جديدة، تجعل لغتنا العربيّة الجميلة في متناول كلّ تلميذ لا يزال يجد صعوبة في مقاربتها.
لا يغيب عن بال أحد أنّ اللغة العربيّة تواجه تحديّات على الصعيد العربيّ عمومًا، وهي تقاوم بشراسة لتجد مكانها أمام سيطرة اللهجات المحليّة واللغات الأجنبيّة، ولن يكون الواقع مختلفًا في مدارسنا اللبنانيّة التي، والحقّ يقال، تسعى بكلّ إمكاناتها لتقريب هذه اللغة من ذائقة التلاميذ.
أ- التحديّات التي تواجه اللغة العربيّة في المدرسة:
لا يمكن أن نعالج واقع اللغة العربيّة في المدرسة بمعزل عن واقعها في المنزل وفي المجتمع، وبالتالي علينا أن نرصد التحديّات التي تواجه استخدام هذه اللغة لكي نعمل معًا على إيجاد الحلول الممكنة.
1- التلاميذ لا يسمعون اللغة العربيّة الفصيحة ولا يستخدمونها إلاّ خلال ساعات اللغة العربيّة، وهي بمعدل ستّ حصص في الأسبوع تتناقص في الصفوف الثانويّة. ما يعني أنّ التلاميذ في أكثر الوقت بعيدون كلّ البعد عن هذه اللغة.
في حصص التاريخ والجغرافيا والتربية والتعليم الدينيّ تستخدم اللغة اللبنانيّة، وهذا أمر طبيعيّ لا مأخذ عليه كي لا تكون اللغة الفصيحة عائقًا أمام تعلّم هذه الموادّ.
في حصص العلوم تستخدم اللغة الإنكليزيّة.
في البيت والشارع والمجتمع، الحديث باللغة اللبنانيّة أو باللغات الأجنبيّة.
الأغنيات التي يستمعون إليها والأفلام التي يشاهدونها لا علاقة لها باللغة العربيّة الفصيحة.
إذًا، من الطبيعيّ أن يجد أولادكم صعوبة في تقبّل اللغة العربيّة.
2- لا تستطيع المدرسة تقريب اللغة العربيّة من ذائقة أولادكم ما لم تتعاونوا معها في أمرين أساسيّين:
أوّلهما الحديث مع الأولاد باللغة اللبنانيّة الأمّ، فقد ثبت علميًّا أنّ اكتساب اللغة الأمّ يساعد على التمكّن من اللغات الأخرى، فضلاً عن أنّ ذلك يرسّخ فيهم حسَّي المواطنيّة والانتماء.
ثانيهما تأمين كتب المطالعة التي يجدها التلميذ في متناوله في المنزل، ودور النشر تتنافس حاليًّا في إصدار كتب جميلة وجذّابة، مضمونًا وشكلاً، وبالتالي لن تجدوا صعوبة في إيجادها وتأمينها.
3- الاهتمام بنتائج أولادكم باللغة العربيّة بقدر ما تهتمّون باللغات الأخرى والموادّ العلميّة. فما دام أولادكم يشعرون بأنّكم لا تولون هذه المادّة اهتمامكم فلن يقنعهم أحد آخر بكونها جزءًا لا يتجزّأ من هويّتهم وعملهم التربويّ.
ب- اللغة العربيّة في المدرسة خلال الفصل الثاني تحديدًا:
أمام هذه الوقائع، عملنا خلال الفصل الثاني من المدرسة على تكثيف النشاطات التي تجعل التلميذ يقبل على تعلّم اللغة العربيّة راغبًا فيها لا مرغمًا عليها، وأهمّ ما نرغب في الإضاءة عليه النقاط التالية:
- هذه المدوّنة التي تبرز جهودهم وأعمالهم وتشجّعهم على المثابرة فيها.
- وضع كتب المطالعة في متناول التلاميذ في غرف الصفّ، وخصوصًا في الصفوف الأساسيّة.
- مساعدة التلاميذ في إعداد كتيّبات عن آرائهم في الكتب التي طالعوها.
- تدريبهم على الحوار العلنيّ باللغة اللبنانيّة المطعّمة بالفصيحة تمهيدًا لاكتساب المهارة في استخدام اللغة العربيّة. وفي هذا الإطار جاء اللقاء مع حضرة رئيس المدرسة الأب كبريال تابت خطوة أولى ناجحة أثارت حماسة التلاميذ في الصفوف الثانويّة للمشاركة في نشاطات مسرحيّة وندوات حواريّة.
- إطلاق أسبوع التراث اللبنانيّ وفيه: معرض حِرَفي، عرض أزياء لبنانيّة، لوحات جداريّة، حفلة زجل، دبكة، مشاهدة أفلام الأخوين رحباني، ترويقة لبنانيّة طوال الأسبوع، الاستماع إلى أغنيات لبنانيّة عريقة...
- إشراك الأهل في العمليّة التربويّة عبر دعوتهم لقراءة قصص في الصفّ الأساسيّ الأوّل. وكانت التجربة ناجحة ومفيدة في رأي من شارك فيها من الأهالي الكرام.
- تقييم نتائج امتحانات نصف السنة لرصد نقاط الضعف ومعالجتها.
- المساهمة في نشاطات عيد الأمّ عبر أغنيات ومشاهد مسرحيّة من وحي المناسبة.
ومع نهاية الفصل الثاني من السنة، أتقدّم باسم الزميلات والزملاء في قسم اللغة العربيّة بالشكر العميق من حضرة رئيس المدرسة الأب كبريال تابت على تشجيعه واهتمامه من خلال وضع إمكانات المدرسة في تصرّف القسم لما فيه مصلحة التلاميذ.
ولا بدّ من التنويه بجهود الزميلتين المنسّقتين السيّدة كارولين بو حيدر والسيّدة ريمونا بطرس، وبجهود الزميلات والزملاء في قسم اللغة العربيّة. ولن ننسى تهنئة التلاميذ على نشاطهم واندفاعهم ما يجعلنا نتفاءل بمزيد من النجاح والتفوّق.
على أمل استمرار التعاون بين المدرسة، إدارة ومعلّمين، وبين الأهالي الكرام، أتمنّى للجميع زمنًا فصحيًّا مباركًا.
ماري القصيفي
رئيسة قسم اللغة العربيّة
في مدرسة الحكمة – هاي سكول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق